أي التي يمدح المكلف على فعلها ويثاب ، وإذا  تركها لا لوم عليه ولا عقاب ، وهي ستة نذكرها فيما يلي : 
( 1 ) غسل الجمعة : لما كان يوم الجمعة يوم  اجتماع للعبادة والصلاة أمر الشارع بالغسل وأكده ليكون المسلمون في اجتماعهم على  أحسن حال من النظافة والتطهير . فعن أبي سعيد رضي الله عنه : أن النبي صلى الله  عليه وسلم قال : ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأم يمس من الطيب ما يقدر  عليه ) رواه البخاري ومسلم . والمراد بالمحتلم البالغ ، والمراد بالوجوب تأكيد  استحبابه ، بدليل ما رواه البخاري عن ابن عمر : ( أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم  في الخطبة يوم الجمعة ، إذ دخل رجل من المهاجرين الاولين من أصحاب النبي صلى الله  عليه وسلم ، وهو عثمان ، فناداه عمر : أية ساعة هذه ؟ قال : إني شغلت فلم أنقلب إلى  أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت ، فقال : والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول  الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل ؟ ) . قال الشافعي : فلما لم يترك عثمان  الصلاة للغسل ، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل ، دل ذلك على أنهما قد علما أن الامر  بالغسل للاختيار . ويدل على استحباب الغسل أيضا ، ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي  الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة  فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ) . قال القرطبي  في تقرير الاستدلال بهذا الحديث عن الاستحباب : ذكر الوضوء وما معه مرتبا عليه  الثواب المقتضي للصحة ، يدل على أن الوضوء كاف . وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص :  إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل للجمعة ، والقول بالاستحباب بناء على  أن ترك الاغتسال لا يترتب عليه حصول ضرر ، فإن ترتب على تركه أذى الناس بالعرق  والرائحة الكريهة ونحو ذلك مما يسئ ، كان الغسل واجبا وتركه محرما ، وقد ذهب جماعة  من العلماء ، إلى القول بوجوب الغسل للجمعة وإن لم يحصل أذى بتركه ، مستدلين بقول  أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( حق على كل مسلم أن  يغتسل في كل سبعة أيام يوما . يغسل فيه رأسه وجسده ) رواه البخاري ومسلم وحملوا  الاحاديث الواردة في هذا الباب على ظاهرا وردوا ما عارضها . ووقت الغسل يمتد من  طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة ، وإن كان المستحب أن يتصل الغسل بالذهاب ، وإذا أحدث  بعد الغسل يكفيه الوضوء . قال الاثرم : سمعت أحمد سئل عمن اغتسل ثم أحدث ، هل يكفيه  الوضوء ؟ فقال نعم ، ولم أسمع فيه أعلى من حديث ابن أبزى . انتهى ، يشير أحمد إلى  ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه ، وله صحبة : أنه  كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل ويخرج وقت الغسل بالفراغ من  الصلاة فمن اغتسل بعد الصلاة لا يكون غسلا للجمعة ، ولا يعتبر فاعله آتيا بما أمر  به ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء  أحدكم إلى الجمعة فليغتسل ) رواه الجماعة ، ولمسلم ( إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة  فليغتسل ) وقد حكى ابن عبد البر الاجماع على ذلك . 
( 2 ) غسل العيدين : استحب العلماء الغسل  للعيدين ، ولم يأت في ذلك حديث صحيح ، قال في البدر المنير : أحاديث غسل العى 6 ين  ضعيفة ، وفيها آثار عن الصحابة جيدة .
 ( 3 )  غسل من غسل ميتا : يستحب لمن غسل ميتا أن يغتسل عند كثير  من أهل العلم ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  ( من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ ) رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم . وقد  طعن الائمة في هذا الحديث . قال علي بن المدايني وأحمد وابن المنذر والرافعي وغيرهم  : لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئا ، لكن الحافظ ابن حجر قال في حديثنا هذا  : قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان ، وهو - بكثرة طرقه - أقل أحواله أن يكون حسنا ،  فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض ، وقال الذهبي : طرق هذا الحديث أقوى من  عدة أحاديث احتج بها الفقهاء ، والامر في الحديث محمول على الندب ، لما روي عن عمر  رضي الله عنه قال : كنا نغسل الميت ، فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل . رواه الخطب  بإسناد صحيح ، ولما غسلت أسماء بنت عميش زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين  توفي خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت : إن هذا يوم شديد البرد ، وأنا صائمة  ، فهل علي من غسل ؟ فقالوا : لا ، رواه مالك .
 ( 4 ) غسل الاحرام  : يندب  الغسل لمن أراد أن يحرم بحج أو عمرة عند الجمهور ، لحديث زيد ابن ثابت ( أنه رأى  رسول الله صلى الله عليه وسلم تجرد لاهلاله واغتسل ، رواه الدار قطني والبيهقي  والترمذي وحسنه ، وضعفه العقيلي .
 ( 5 ) غسل دخول مكة  : يستحب  لمن أراد دخول مكة أن يغتسل ، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أنه كان لا  يقدم مكة إلا بات بذى طوى حتى يصبح ثم يدخل مكة نهارا ) ، ويذكر عن النبي صلى الله  عليه وسلم أنه فعله ، رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ مسلم ، وقال ابن المنذر :  الاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء ، وليس في تركه عندهم فدية ، وقال  أكثرهم : يجزئ عنه الوضوء .
 ( 6 ) غسل الوقوف بعرفة  : يندب  الغسل لمن أراد الوقوف بعرفة الحج ، لما رواه مالك بن نافع : ( أن عبد الله ابن عمر  رضي الله عنهما كان يغتسل لاحرامه قبل أن يحرم ، ولدخول مكة ، ولوقوفه عشية عرفة )  .
 
No comments:
Post a Comment