الغسل
الغسل معناه : تعميم البدن بالماء ، وهو  مشروع ، لقول الله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) وقوله تعالى : ( ويسألونك عن  المحيض قل هو أذى ، فاعتزلوا النساء في المحيض ، ولا تقربوهن حتى يطهرن ، فإذا  تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( 1 ) ) .  وله مباحث تنحصر فيما يأتي : 
 ( 1 )  سورة البقرة آية : 222 . ( . ) 
يجب الغسل  لامور خمسة :
 ( الاول  ) خروج  المني بشهوة في النوم أو اليقظة من ذكر أو أنثى وهو قول عامة الفقهاء . لحديث أبي  سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الماء من  الماء ( 1 ) رواه مسلم ، وعن أم سلمة رضي الله  عنها : أن أم سليم قالت : يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق ، فهل على المرأة  غسل إذا احتلمت ؟ قال : ( نعم ، إذا رأت الماء ) رواه الشيخان وغيرهما  .
 ( 1 )  الماء من الماء : أي الاغتسال من الانزال ،
 فالماء الاول الماء المطهر ،  والثاني المني . وهنا صور كثيرا ما تقع ، أحببنا أن ننبه عليها للحاجة إليها : ا -  إذا خرج المني من غير شهوة ، بل لمرض أو برد فلا يجب الغسل . ففي حديث علي رضي الله  عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ( فإذا فضخت الماء ( 2 ) فاغتسل )  ، رواه أبو داود . قال مجاهد : بينا نحن أصحاب ابن عباس - حلق في المسجد : - (  طاووس ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة - وابن عباس قائم يصلي ) إذا وقف علينا رجل فقال :  هل من مفت ؟ فقلنا : سل ، فقال إني كلما بلت تبعه الماء الدافق ؟ قلنا الذي يكون  منه الولد ؟ قال : نعم ، قلنا : عليك الغسل ، قال : فولى الرجل وهو يرجع ، قال :  وعجل ابن عباس في صلاته ، ثم قال لعكرمة علي بالرجل ، وأقبل علينا فقال : أرأيتم ما  أفتيتم به هذا الرجل ، عن كتاب الله ؟ قلنا : لا . قال : فعن رسول الله صلى الله  عليه وسلم ؟ قلنا : لا ، قال : فعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلنا لا ،  قال : فعمه ؟ قلنا : عن رأينا ، قال : فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (  فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ) قال : وجاء الرجل فأقبل عليه ابن عباس  فقال : أرأيت إذا كان ذلك منك ، أتجد شهوة في قبلك ؟ قال : لا ، قال : فهل تجد خدرا  في جسدك ؟ قال : لا ، قال إنما هذه إبردة ، يجزيك منها الوضوء )  .
 ( هامش )  ( 2 ) ( الفضخ ) خروج المني بشدة . ( . )
 ب - إذا احتلم ولم يجد منيا فلا غسل عليه ، قال  ابن المنذر . أجمع على هذا كل من أحفط عنه من أهل العلم ، وفي حديث أم سليم المتقدم  فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ قال : ( نعم إذا رأت الماء ) ما يدل على أنها إذا  لم تره فلا غسل عليها ، لكن إذا خرج بعد الاستيقاظ وجب عليها الغسل  .
 ح - إذا انتبه من النوم فوجد بللا ولم يذكر  احتلاما ، فإن تيقن أنه مني فعليه الغسل ، لان الظاهر أن خروجه كان لاحتلام نسيه ،  فإن شك ولم يعلم ، هل هو مني أو غيره ؟ فعيله الغسل احتياطا . وقال مجادة وقتادة :  لا غسل عليه حتى يوقن بالماء الدافق ، لان اليقين بقاء الطهارة ، فلا يزول بالشك  .
 د - أحس بانتقال المني عند الشهوة ، فأمسك ذكره  فلم يخرج فلا غسل عليه ، لما تقدم من أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الاغتسال على  رؤية الماء . فلا يثبت الحكم بدونه ، لكن إن مشى فخرج منه المني فعليه الغسل  .
 ه - رأى في ثوبه منيا ، لا يعلم وقت حصوله ،  وكان قد صلى ، يلزمه إعادة الصلاة من آخر نومة له ، إلا أن يرى ما يدل على أنه  قبلها ، فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها . ( الثاني  ) : إلتقاء الخنانين : أي تغييب الحشفة في الفرج وإن لم يحصل إنزال ، لقول  الله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) قال الشافعي : كلام العرب يقتضي أن الجنابة  تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال ، قال : فإن كل من خوطب بأن فلانا  أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل . قال : ولم يختلف أحد أن الزنا الذي يجب  به الجلد هو الجماع ، ولو لم يكن منه إنزال ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جلس بين شعبها الاربع ( 1 ) ثم جهدها فقد  وجب الغسل . أنزل أم لم ينزل ) رواه أحمد ومسلم ، وعن سعيد ابن المسيب : أن أبا  موسى الاشعري رضي الله عنه قال لعائشة : إني أريد أن أسألك عن شئ وأنا استحي منك ،  فقالت : سل ولا تستحي فإنما أنا أمك ، فسألها عن الرجل يغشى ولا ينزل فقالت عن  النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أصاب الختان الختان فقد وجب الغسل ) ، رواه أحمد  ومالك بألفاظ مختلفة . ولا بد من الايلاج بالفعل ، أما مجرد المس من غير إيلاج فلا  غسل على واحد منهما إجماعا .
 ( 1 ) (  الشعب الاربع ) : يداها ورجلاها . ( والجهد ) كناية عن معالجة الايلاج . ( . )  
( الثالث ) : انقطاع الحيض والنفاس :  لقول الله تعالى ( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) ،  ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها ( دعي  الصلاة قدر الايام التي كنت تحيضين فيها ، اغتسلي وصلي ) متفق عليه ، وهذا ، وإن  كان واردا في الحيض ، إلا أن النفاس كالحيض بإجماع الصحابة ، فإن ولدت ولم ير الدم  فقيل عليها الغسل ، وقيل لا غسل عليها ، ولم يرد نص في ذلك .
 ( الرابع  ) الموت  : إذا مات المسلم وجب تغسيله إجماعا ، على تفصيل يأتي في موضعه . ( الخامس ) : الكافر إذا أسلم : إذا أسلم الكافر يجب  عليه الغسل ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن ثمامة الحنفي أسر ، وكان النبي صلى  الله عليه وسلم يغدو إليه فيقول : ما عندك يا ثمامة ؟ فيقول : إن تقتل تقتل ذا دم ،  وإن تمنن تمنن على شاكر ، وإن ترد المال نعطك منه ما شئت ، وكان أصحاب الرسول صلى  الله عليه وسلم يحبون الفداء ويقولون : ما نصنع بقتل هذا ؟ فمر عليه رسول الله صلى  الله عليه وسلم فأسلم ، فحله وبعث به إلى حائط أبي طلحة ( 1 ) وأمره أن يغتسل ،  فاغتسل وصلى ركعتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد حسن إسلام أخيكم )  رواه أحمد وأصله عند الشيخين ( 1 ) ( الحائط ) : البستان . ( . )
 
No comments:
Post a Comment